اوروبا تسمح بالزواج للصغيرات
وعلىكل حال فإن الزواج في سن مبكرة كان موجودا في أوروبا نفسها ولا يوجد دليلأفضل على ذلك من زواج الملوك والحكام في القرن الثاني عشر في سن صغيرة منأجل إنشاء تحالفات تضمن استمرار السلام، وهكذا كانت الإمبراطورة الطفلة"أنياس" في فرنسا زوجة لاثنين من الأباطرة البيزنطيين: الإمبراطور ألكسيوسكمننوس الثاني والإمبراطور أندرونيكوس كمننوس الأول على التوالي.
وحسب"ويليام صور" (William of Tyre) فإن أنياس كانت في الثامنة من عمرها عندوصولها إلى القسطنطينية في حين أن ألكسيوس كان قد بلغ ثلاثة عشرة عاما[2].وبالإضافة إلى هذا فإن زوجة ألكسيوس كمننوس الأول كانت ابنة اثنتي عشرربيعا عند زواجها وأصبحت إمبراطورة قبل أن تبلغ الخامسة عشر، وأما أميرةبيزنطا "ثيودورا" زوجة مانويل فقد كانت في الثالثة عشر من عمرها عندماتزوجت بأمير القدس "بلدوين الثالث" وتزوجت"مارغريت ماريا هنجاريا"من"إيزاك أنجلوس الثاني" في عمر التاسعة.
لميكن عمر أنياس في ذلك العصر أمرا غير مألوف خاصة أنه كان من المتعارف عليهآنذاك أن يجتمع العريسان الجدد في القسطنطينية في بيت الشريك ذي المكانةالاجتماعية العالية[3]. ومع ذلك فقبل أن يكمل ألكسيوس عامه الثالثكإمبراطور، نصب ابن عم أبيه أندرونيكوس نفسه إمبراطورا مشاركا (ولد سنة1118 أي أنه كان في الخامسة والستين من العمر) وانتزع منصب ألكسيوس بالقوةثم تزوج "آنياس" رغم الخمسين سنة التي كانت تفصل بينهما[4].
وهذايُظهر بوضوح أن زواج الفتيات في سن مبكرة برجال تجاوزوا الستين من العمركانت عادة سائدة في أوروبا بين الطبقات الحاكمة نفسها فما بالك بعامةالشعب؟ لا شك إذن أنها كانت سائدة لدى عموم الناس في أوروبا نفسها وذلكبعد أكثر من خمسة قرون من زواج النبي محمد بعائش
تقارنوا حال الان بحال 14 عشر قرن من الزمان
وخلاصةالقول أن الزواج المبكر مازال حتى القرن الواحد والعشرين عادة تمارسهاشعوب أوروبية ومسيحية في القرن الواحد والعشرين فلماذا يلام عليها نبيالإسلام الذي مارسها قبل 1400 سنة؟ هذا يكشف بوضوح عدم مصداقية هؤلاءالنقاد ويكشف هدفهم الخفي الذي وضعوا له غطاء الدفاع عن حقوق المرأة وحقوقالإنسان من أجل كسب تعاطف الشعوب الغربية مع عائشة الطفلة التي " أُجبرت "حسب رأيهم على الزواج برجل تجاوز الخمسين. ومع ذلك وبعيدا عن تحريض هؤلاءالنقاد ذوي الأهداف المبيتة، يجب توضيح عدد من النقاط في زواج نبي الإسلامبعائشة ذات التسع سنين، حتى يفهم الجميع ظروف وأسباب ذلك الزواج.
* هل عرفوا جزيرة العرب قبل 14 قرنا من الزمان ؟
ويجب الإشارة أولا إلى أن المبادئ والعقلية الغربية في القرن الواحدوالعشرين قد يصعب عليها فهم وإدراك العقلية والمبادئ الشرقية والعربية فيالقرن السادس بصورة كاملة ودقيقة! وذلك بسبب الفارق الزمني الشاسع بينالحضارتين وكذلك الفارق الفكري والثقافي والجغرافي الكبير بينهما. وهذهنقطة مهمة جدا يجب التسليم بأهميتها والاقتناع أن الحكم على عادة مارسهامجتمع شرقي قبل أربعة عشر قرنا لن يكون دقيقا ومنصفا إذا صدر من الثقافةالغربية العلمانية في القرن الحادي والعشرين. لهذا لا يمكن للغربيين فيهذا الزمن إلا أن يدرسوا تلك العادة ويفهموا أنه كانت لها أسباب أقنعت منمارسوها في الماضي بممارستها. وعلى كل حال مازالت هذه الأسباب تقنع بعضالشعوب الغربية والمسيحية التي لا تعارض الزواج المبكر حتى يومنا هذا
وهنا يجبالتنبيه إلى أن المحرضين الذين استغلوا هذا الزواج للنيل من محمد صلى اللهعليه وسلم، اعتمدوا على جهل الناس بتفاصيله الدقيقة، وعلى كسب تعاطفالغربيين مع عائشة التي صوروها كأنها فتاة أمريكية في القرن الواحدوالعشرين حرمت التمتع ببراءة طفولتها، في حين أن الأمر مختلف تماما عنذلك. إذ لا يعقل اعتماد الطفلة الأمريكية أو الغربية في القرن الواحدوالعشرين كمقياس للحكم وبناء المواقف عن الطفلة الشرقية والعربية قبل 1400سنة، فهذا غير منطقي أبدا لأنه سيسبب سوء فهم لواقع الحال في ذلك الزمنوبالتالي حكما خاطئا. وإن كان هؤلاء النقاد يريدون أن يتزوج نبي الإسلاممنذ 14 قرنا على الطريقة الأمريكية أو الغربية في القرن الواحد والعشرينفذلك شأنهم وحدهم، ولا يمكنهم في جميع الأحوال فرض مبادئهم على أجيالسبقتهم بمئات السنين ولا يعقل أن يحكموا على هذه الأجيال القديمة وفقمبادئ لم يعيشوها ولم يؤمنوا بها ولم يشاركوا في تأسيسها، ولا يجب أن ننسىأن هؤلاء النقاد عندما نقدوا زواج نبي الإسلام من عائشة لم يقارنوه بواقعالحال في كثير من الدول الغربية والمسيحية بعد مئات السنين ولا بالديانةاليهودية التي تسمح بزواج الطفلة عندما تتجاوز الثالثة بيوم واحد. الأمرالذي يبين عدم مصداقية هؤلاء النقاد وينزه نبي الإسلام عن ما تبثه أقلامهمالسامة. كما لا يفوتني في معرض الحديث عن زواج الأنبياء في سن كبيرةبفتيات عذارى أن أذكر ما يقوله الكتاب المقدس نفسه عن النبي داوود، الذيشاخ في السن وأصابه البرد فلم يدفأ رغم محاولات تدفئته بكثرة الثياب، يقولسفر الملوك الأول، الإصحاح الأول الفقرات 1-3: "و شاخ الملك داود وتقدم فيالأيام وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ، فقال له عبيده ليفتشوا لسيدناالملك على فتاة عذراء فلتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنكفيدفأ سيدنا الملك، ففتشوا على فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدواابيشج الشونمية فجاءوا بها إلى الملك".
وكميسهل الاستنتاج، من هذا الاقتباس، أن النبي داود في عمر متقدمة جدا، بل هوشيخ هرم أصابه البرد ولكن مع ذلك بحثوا له عن فتاة عذراء تصغره بعشراتالسنين لتدفئه! والواضح أن هذه الآيات تحمل معاني ****؛ فهي تتحدث عنتدفئة النبي داوود بواسطة فتاة جميلة تحضنه وتضطجع في حضنه ليدفأ، حسبتعبير الآيات! فلماذا لا ينظر المحرضون ضد الإسلام إلى هذا السلوك،ويعتبرونه اغتصابا وهوسا *****ا؟ لماذا لا تتحدث وسائل الإعلام الغربية عنهذه الواقعة وتبالغ في الحديث عنها كما تفعل مع زواج نبي الإسلام بعائشة؟السبب بسيط! فالهدف ليس انتقاد مثل هذه الزيجات والعلاقات ******، وإنماالهدف هو تشويه صورة الإسلام دون غيره، والتحريض ضده وملئ قلوب الناسكراهية تجاه هذا الدين وأتباعه! ولكن الحقيقة لا بد أن تظهر يوما، ولا بدأن يعرف المخدوعون أهداف المحرضين وأساليبهم.